إضغط جام على هذه الصفحات وستصلكم كل أخبار تستور
قصر أغمات المرابطي
انطمر القصر بفعل عوامل الزمن لقرون طويلة واندثر بشكل كامل تحت حقل زراعي .تم العثور على بقاياه سنة 2008 بفضل تقنية التتبع المغناطيسي ونظام اختراق الرادار. كشفت الحفريات أن القصر كان معمرا في القرنين الحادي عشر و الثاني عشر. فترة ترتبط بالتأكيد بفترة الحكم المرابطي خاصة في الحقبة التي لعبت خلالها أغمات دور العاصمة المرابطية. تم التخلي عنه في القرن الرابع عشر. تعكس آثاره تصميما مطابقا لتصاميم القصور الأندلسية. يتكون من عدة قاعات وساحات حيث ممرات الوصول لها عنكبوتي وهرمي. تتوزع مباني القصر حول هذه الفناءات ليشكل الفناء في كل مرة القلب والمركز و لتكون البنايات بذلك عناصر محيطة.
تضُمُّ ساحة القصر الرئيسية بِركة تغديها نافورة رخامية. بركةٌ تغازل آثارها اليوم ردما من التراب. لا خيط سماء ينعكس على ماء البركة. بل أين الماء؟ لا وجود له بالأساس. تنادي البِركة الماء المفقود مَرَّة، تضحك لغيابه كبرياءًا مرَّة، وتبكي كثيرا. أُحيطت البِركة قديما بحدائق لا يأتي العشب إليها اليوم، لا الشجر ولا الزهر. وتأتيها ذكريات
وانطلاقا من دراسة بقايا القصر قدّم الفريق المشرف على صيانة معالم أغمات الأثرية رسوما وفرضيات هندسية مُتَخيَّلة عما كان عليه القصر في السابق. رسومٌ ترفع جميعها عن هيئة بِركة القصر الرئيسية القديمة الحُجُب. لتَنِم عن جمال ذَهَب. وتصميم أندلُسِي عَجَب. مَشَت فَوقَهُ الحِقَب. فِعلُ الزمن فيها غَلَب. وهي كالتالي:
…………
مسجد أغمات
تقع آثار مسجد أغمات بجوار القصر المرابطي. ذُكر المسجد في بعض النصوص التاريخية. ورد ذكره في كتاب “القبلة” :
«أخبرنا أبو محمد عبد الله بن تيسييت وكاتبه قاضي أغمات وريكة أن مسجد أغمات وريكة بناه أميرها وطاس بن كردوس من بني أمية سنة خمس وأربعين ومائتين».
قام ببنائه وطاس ابن كردوس(م859). شيد المسجد بالطوب والحصى. تنم آثاره عن تشييدات وإصلاحات تعود لحقب زمنية متباعدة. كما تدل على قيام المجتمع الأغماتي بعملية توسيع لمساحته ليضم أكبر عدد ممكن من المصلين.
هذا وقد تم التعرف سنة 2012 على بقايا محراب غابت آثاره لقرون في الطين. لا زال الحديث عن حفريات مستقبلية بالمسجد قائمة . لاستخراج أي بقايا محتَمَلَة غابرة. بقايا لا تصل ولا نصل. بقايا قد يُكسِّرُ غيابها للمسجد خاطِرَه المكسور. و يُشعرك أن الوجود مشوّش مبتور.
كما تم استخراج السنة الماضية (2014) حوض حجري منقوش من قاعة الوضوء الخاصة بالمسجد. جدير بالذكر أن معالم المسجد مطابقة تماما للوصف الذي ذكره لسان الدين بن الخطيب في حديثه عن أغمات. وهو شاعر وكاتب وفقيه مالكي ومؤرخ وفيلسوف وطبيب وسياسي من الأندلس (لوشة، 25 رجب 713 هـ/1313م - فاس، 776 هـ/ 1374م) درس الأدب والطب والفلسفة في جامعة القرويين بفاس.قضّى معظم حياته في غرناطة في خدمة بلاط بني نصر وعرف بذي الوزارتين: الأدب والسيف. نـُقِشت أشعاره على حوائط قصر الحمراء بغرناطة. سبق أن زار أغمات اقتفاءا لأثر ملك إشبيلية المعتمد ابن عباد الذي نُفِيَ بالمنطقة ودُفِنَ بها.
…………
مشروع متحف أغمات
أُعلِن في يونيو2005 عن إنطلاق مشروع علمي بأغمات يهدف إصلاح و تقييم وتنمية المنطقة باعتبارها إحدى البؤر الهامة في تاريخ المغرب في القرون الوسطى. أبحاث أثرية، صيانة الآثار والبقايا وحمايتها، إعادة اعتبار التراث والتعريف به على المستوى السياحي كلها اهتمامات يتطلع المشروع العلمي تحقيقها مستقبلا.
المشروع تحت رعاية وزارة الثقافة المغربية و مؤسسة أغمات الأثرية. ومن أهم المشرفين على تسييره حاليا نذكر السيد عبد الله فيلي من كلية الآداب بمدينة الجديدة المغربية ، أستاذ باحث متخصص في علم الآثار، القرون الوسطى. والسيد Ronald Messier من جامعة فاندربيلت (Vanderbilt University)، وهي جامعة بحثية خاصة مقرها ناشفيل بولاية تينيسي الأمريكية. ويحظى المشروع بمساهمة مجموعة من كبار الباحثين متعددي الجنسيات و الإختصاصات.
هناك تخطيط لإنشاء متحف بأغمات يضم مجموع المواد التي تم اكتشافها خلال الحفريات الأثرية. والتي تتشكل من مواد مختلفة ومتعددة كالسيراميك، المعادن ، العظام ، الزجاج ، الجبس المنحوت،و الجص. كما سيضم مجموعة الأدوات،الصور، ومقاطع الفيديو التي رافقت عمليات التنقيب. سيحتوي أيضا على مساحة مستقلة خاصة بتقنيي الصيانة حيث سيتم تخزيين وحماية المواد المستخرجة من الحفريات. هذا بالإضافة إلى ملحق يحمل اسم "منزل الباحثين" سيخصص لإيواء واستقبال علماء الآثار لتوفير إطار مثالي لمواصلة دراسة أي مواد قد تنم عنها أي حفريات مستقبلية.
كما سيتولى المتحف مهمة التعريف بماضي أغمات التاريخي. على عهد يوسف بن تاشفين اتخذت أغمات مقرا لإقامة ونفي ملوك الطوائف بعد توحيد بلاد الأندلس، خاصة المعتمد بن عباد، ملك اشبيلية، وعبد الله بن زيري، ملك غرناطة. في سنة 1970 تم بتشييد ضريح المعتمد ابن عباد الذي يحتضن بالإضافة إلى قبره، قبر زوجته اعتماد الرميكية وابنه، والذي يتزين بقبة مرابطية الطراز و بأبيات شعرية للملك الشاعر المعتمد ابن عباد.
ومن أهم الشخصيات التي اشتهرت بها المنطقة واحدة من أغنى نساء أغمات السيدة زينب النفزاوية.لعبت أغمات دورا مهما في تاريخ المغرب في القرون الوسطى ومع تزايد الساكنة قام المرابطون بتشييد عاصمة جديدة وكانت مراكش سنة 1069مما أدى إلى تراجع عدد ساكنة أغمات.
…………
تتمتع المعالم الأثرية بجمال مختلف. الإفتتان بهذا النوع من الجمال يدفع المرء للتعبير عن إحساسه بالكلام، الكتابة، الرسم أو غيرها من الوسائل التي تتيح له التعبير عما علق في وجدانه. ولعل ما علق وتأصَّل في أرواحنا من إحساس بجمال تاريخي فريد في معالم أغمات الأثرية عقب زيارتنا للمنطقة قبل بضعة أشهر ( 2014 ) هو ما دفعنا لكتابة هذا الموضوع المتواضع.
تنفرد المعالم الأثرية التاريخية عامة بسحر مميز لا يوصفُ ولا يُقال تستشعره الحواس ويزكيه خطاب العقل و الخيال .
جمال لا يُقال لا تكتمل لذته إلا بجمع الشكل الملموس بالمعنى المُدرك والمتخيل .
جمال لا يقال، الإحساس به لذة تبعث في الروح نشوة حزينة .
جمال لا يقال تَقِفُ على معالمه. تتجاوزُ فيه مرحلة الإكتشاف الحسي السطحية من إدراك للألوان و الأشكال، لِتتلذّذَ بمرحلة من الإدراك الفكري والعقلي لدقائق أو لساعات. ثم تجذِبُ نفسَكَ مِن نَفسِكَ لِتَرحل. تتقمص دور الريح العابرة وترحل. لا تترك للحيطان أية وصية وترحل . كأي مار لا تُودِّعُ وترحل. تتقمص دور بارد المشاعر ووبكل بساطة ترحل. فقط تموت ثم ترحل!
……….
0 commentaires:
Enregistrer un commentaire